• 2019-04-01

الحياة الزوجية بين السكن والشقاق 1

رغّب ديننا في تحقيق السكينة في هذه المؤسسة العزيزة عليه؛ مؤسسة الأسرة، وحرص أشد الحرص ألا تبلغ خلافاتها إلى درجة المخاصمة والشقاق.
ولهذا يقول تعالى في سورة النساء:
(وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها، إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما).
والشقاق: هو أن يكون كلٌّ من الزوجين في شِق غيرِ شقِّ صاحبه؛ يعني حينما يكون الزوج في ناحية والزوجة في ناحية.
(إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما) نعم يوفق الله بينهما حتى لو نشب التخاصم والشقاق. يوفق الله بينهما للرأي المعتدل وللكلام الذي يجذب القلوب ويؤلف بين القرينين.
هكذا يعتني الإسلام بمؤسسة الأسرة، لينقذها من أن تتحطم على رؤوس من فيها من الكبار والصغار.
ولنلاحظ ها هنا تصريح الآية بالصلح دون التفريق: (إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما) وما ذلك إلا دليل ساطع على أن شريعة ربنا ترجو أن يؤدي التحكيم إلى الإصلاح والتوافق، ولا تتمنى للزوجين الطلاق والفراق الذي يؤدي إلى تفكك الأسرة.
هذه صفحة من حديث القرآن عن الشقاق الذي قد يظهر في الحياة الزوجية، وكيف تتم معالجته..
أمّا كلام القرآن عن السكينة والطمأنينة داخل الأسرة المسلمة فقد ورد في عدة مواضع، منها قوله تعالى في سورة الأعراف: (هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها)
والسكن هو أن يطمئن كل من الزوجين إلى الآخر ويأوي إليه ويستريح إليه؛ أي تكون بينهما الألفة.
وقد قال المفسرون: لا توجد ألفة بين روحين أعظم ممّا بين الزوجين!
ففي اللحظةِ التي عرف فيها سيّدُ الخلق صلى الله عليه وسلم أنّه قد كُلّف بهذه الأمانة حينما نزل عليه الوحي، لجأ مباشرة إلى زوجِهِ خديجةَ رضي الله عنها..
ويقول تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها، وجعل بينكم مودّةً ورحمة).
فمتى تتحقق هذه المودّة وهذه الرحمة بين الزوجين؟ ومتى يشعر كل منهما أن قرينه سكن له وطمأنينة لفؤاده؟.
تتحقق حينما تُبنى البيوت على الاحترام من كلا الزوجين، حين تُبنى على الحرص المتبادل على تلافي النزاع وسوء التفاهم؛ فلم يجعل الله هذا الرباط الزوجي خصاماً ونزاعاً متواصلاً، لم يجعله تعارضاً بين الصلاحيات وتصادماً بين الاختصاصات: هو يقول عليها أن تسمع كلامي، وهي تقول بل هو عليه أن يتلطف معي، فما على هذا تبنى البيوت.